حــُبـّبَ إليّ من الكتب: السير والتراجم وجـُعلت قرةُ عيني في (كتب أخبار الصالحين) من سلف هذه الأمة.* فكنتُ أعجبُ _ولا ينقضي عجبي_ من تسامقِ مراتب القوم في العبادة، وتسامي درجاتهم في الإيمان، وغرائب أحوالهم في الزهد ثم لا ألبثُ إلا أن أردد كما كان إمامُ أهل السنة أحمد بن حنبل يردد: أين نحنُ من هؤلاء!!
وطفقتُ أبحثُ جاهداً عن (مكنون) دواخلهم، و(مصون) طواياهم، و(مكتوم) ضمائرهم.
أفتشُ عن (السر) الذي حوته (خزائنُ صدورهم) فأوصلهم لهذه المقامات الرفيعة لعلّ (قلوبنا) تصلحُ بما(صلحت) به قلوبُ هؤلاء العظماء فنصلُ لبعض ما وصلوا إليه من الأحوالِ الإيمانية السامقة.
وبقي هذا (الهاجسُ) يمورُ في فؤادي وبينما أنا على هذا الحال إذ بي أقرأ حديثاً نبوياً كريماً طار به قلبي فرحاً وطفحتْ لأجله روحي سروراً أظهر لي ماكان خافياً، وأذاع لي ماكان كاتماً، وأبان لي ماكان مبهما.ً
يقولُ النبي صلى الله عليه وسلم: *{صلح أول هذه الأمة بالزهد و(اليقين)، ويهلك آخرها بالبخل والأمل}* رواه الطبراني وأحمد في الزهد وصححه الألباني.
إنه (اليقينُ) يا سادة.
اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وفيه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمـّر العاملون
ياضيعةَ الأعمار في (أعمال كثيرة) أجهدنا فيها جوارحنا خلتْ من (اليقين) فقلّ نفعها، وضعف أثرها
إنّ اليقينَ هو (روحُ) أعمالِ القلوب، وأساسُ عباداتِ البواطن.
هل تريدُ من حسناتك -حتى لو قلـــّتْ- أن تكفر كبائرك وتمحو عظائمك ؟؟
إذاً تفقــــّد (يقينك).
هل دعوتَ الله كثيراً فلم ترَ بوادرَ إجابة ولم تشهدْ علاماتِ قبول ؟
إذاً تفقــــّد يقينك
يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
هل أضناك البحث عن (السعادة)، وأعياك العثور على (الطمأنينة)..؟!
إذاً تفقــــّد (يقينك)
فاليقين من مثبتات (السعادة) في الروح، ومقويات (الطمأنينة) في القلب.
وكذلك (يقين) المؤمن بما أعدّه الله له في الجنة؛ سيجعله مطمئناً آمنا مهما كان فقره وبلاؤه.
واليقين يسدُّ أبوابَ الشبهات
ومن أغلق هذين البابين استحقّ مرتبة (الإمامة في الدين).
* هل تاقتْ نفسك لإتقان عبادة (التفكر) وإحسان مهارة (التدبر)..؟!
إذاً تفقــــّد (يقينك)
فاليقين يجعلك تنتفع بآياتِ الله المقروءة، وتعتبر بآياتِ الله المنظورة.
فالأولى (قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
والثانية (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ).
هذا هو (اليقينُ) الذي سيغيّر حياتكم ويعظم عباداتكم وتجدون به آثاراً عظيمة من القبول والاستجابة للدعاء والتوفيق والبركة والطمأنينة في القلب والنجاح في الحياة